قد ذكر الله سبحانه و تعالى عن يوسف الصديق عليه السلام من العفاف أعظم ما يكون , فإن الداعي الذي اجتمع في حقه لم يجتمع في حق غيره , فإنه عليه السلام كان شابا , و الشباب مركب الشهوة , و كان عزبا ليس عنده ما يعوضه , و كان غريبا عن أهله و وطنه , و المقيم بين أهله و أصحابه يستحي منهم أن يعلموا به فيسقط من عيونهم , فإذا تغرب زال هذا المانع , و كان في صورة المملوك و العبد لا يأنف مما يأنف منه الحر , و كانت المرأة ذات منصب و جمال , و الداعي مع ذلك أقوى من داعي من ليس كذلك , و كانت هي المطالبة فيزول بذلك كلفة تعرض الرجل و طلبه و خوفه من عدم الإجابة , و زادت مع الطلب الرغبة التامة و المراودة التي يزول معها ظن الإمتحان و الإختبار لتعلم عفافه من فجوره , و كانت في محل سلطانها و بيتها , بحيث تعرف وقت الإمكان و مكانه الذي تناله العيون , و زادت من ذلك تغليق الأبواب لتأمن هجوم الداخل على بغتة , و أتته بالرغبة و الرهبة , و مع هذا كله فعف لله و لم يطعها , و قدم حق الله و حق سيدها على ذلك كله , و هذا أمر لو ابتلي به سواه لم يعلم كيف كانت تكون حالته ...
* ابن القيم الجوزية *
اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق و المغرب
اللهم لا تجعلني فتنة لأحد و ثبتني يا الله و ثبت قلوب أرواح أحببناها و أفتح لهم أبواب الخير أينما كانوا و أجعل خطاهم إلى الجنة .
هناك تعليق واحد:
اللهم ثبت قلوب أرواح أحببناها و أفتح لهم أبواب الخير أينما كانوا و أجعل خطاهم إلى الجنة .
إرسال تعليق