الخميس، 22 مارس 2012

جزء من مشهد سفر و فراق مفاجيء



جاء الصباح فنهض بول من مضجعه القلق المضطرب ... و مشى .... فلم يزل سائرا حتى لمح الخادم ماري واقفة على رأس هضبة عالية تنظر جهة البحر , فذعر إذ رآها , و ناداها :

أين فرجيني يا ماري ؟

فأطرقت رأسها و بكت , فجن جنونه , و علم بما كان , و هرع إلى شاطيء البحر يعدو عدو الظليم , فلم يرى أمامه على سطح الماء شيئا , و حدثه الناس هناك أن السفينة قد أقلعت قبيل الفجر , و أنها قد تجاوزت مدى البصر فلا سبيل إلى رؤيتها , فكر راجعا حتى وصل إلى ذلك الجبل العظيم الذي يسمونه جبل الإستكشاف , .... حتى بلغ قمته العليا و ضرب الفضاء بنظره , فلم ير في عرض البحر إلا نقطة سوداء صغيرة تتلاشى شيئا فشيئا , فعلم أنها السفينة التي تحمل فرجيني , فاستمر نظره عالقا بها لا يفارقها حتى غابت عن عينيه , فظل واقفا حيث هو , ينظر حيث ينظر , كأنما يظن أنها لا تزال باقية في مكانها , و ظل على ذلك ساعة حتى نشأت أمام عينيه سحابة سوداء حجبت عنه كل شيء , فلوى رأسه و انفجر باكيا و أنشأ يعج عجيجا محزنا يرن في أجواف الغابات و الأدغال و تردد صداه أكناف الجبال , ... ثم أخذ يتكلم كأنما يحدث نفسه و يقول :


و لم لم ينبئوني بالساعة التي تسافر فيها لأقضي حق وداعها قبل أن تفارقني ؟ إنهم لو فعلوا لما زدت شيئا على ..... ثم أقول لها : إن كنت تذكرين يا فرجيني أني أسأت إليك يوما من الأيام أو بدرت مني بادرة آلمتك و جرحت نفسك , فاغفري لي ذنبي قبل أن تفارقيني , و إن كنت عزمت على أن تجعلي فراقك هذا الفراق الأخير الذي لا لقاء بعده , و أن تتخذي لك في المكان الذي تذهبين إليه أخا غيري , تمنحينه من عطفك و ودك مثل ما كنت تمنحينني فأنت في حل من ذلك و هنيئا لك ما تختارين و ما تؤثرين , فلا تكن ذكراي سببا في تنغيص عيشك المقبل و تكدير حياتك الجديدة ثم أنصرف بعد ذلك لشأني ...

ليست هناك تعليقات: