الأحد، 29 أبريل 2012

مواعظ لأبي الفتح البستي




واشدد يديك بحبل الله معتصماً  فإنه الركن إن خانتك أركان 


لا ظل للمرء يغني عن تقى ورضا  وإن أظلته أوراق وأفنان 


كل الذنوب فإن الله يغفرها  إن شيع المرء إخلاص وإيمان 


وكل كسر فإن الله يجبره  وما لكسر قناة الدين جبران 


أبو الفتح البستي 

فراقك مؤلم جدا


و حين افترقنا ... تمنيت سوقا يبيع السنين ... يعيد القلوب و يحي الحنين 

أحلامي المحلقة بعيدا



هل في وسعي أن أختار أحلامي لئّلا أحلم بما لا يتحقق 

محمود درويش 

آن وقت البياض



و الخطى تمضي يهفو قلبي ..
كل شيء في الحنـآيـآ يهتز
يـآ الله
يـآ الله
يـآ الله
و حنيني يزيد إليهـآ ..
أهيم شوقا لِـمغفرة تنتشلني من بحر الذنوب
لأمضي في طريق

الرجوع

السكينة مجلجة لحظة التأهب للمضي على قدم السفر..
فاح الإشتياق و دقت أجراس الحنين و تاق قلبي
عاثت بي المشاعر كلما اقتربنا أكثر
زادت الخفقات و الدمعات تحكي

آن وقت البياض
لتطهر من دنس الذنوب
إشتقنا لصحائف نقية
يَـآ نفسي تزودي كوني تقية
و أنفاس الحنين تضج بها الحنايا
عتمة القلب يا الله
ستشرق بعد طول تخبط في الظلام
و بقعة الإيمان تضاء فيه
و يلفني الشوق ..
و التكبير يصغي مسامعي صدّاحة
يا له من شعور عندما نتجاوز شعث المسافات و تستقبلنا الجبال
و أنفاس الجدل لا تسع المضى
و لحظة الوصول
تشرئب الأعناق .. و الأعين تترقب لِـنُنِيخ مواجعنا
يضج التكبير و النبضات تخفق بشدة
وآ شوقـآه  يـآ بكـة
و ينتفض إشتياقا كلما ذكرت إسرافي على نفسي
فتهمي دموع بحرارة الذنوب و الشوق لِـلرجوع
يتلقفني الحنين من بين الجموع و ماء العين يهمي في خضوع
و لا زالت بي الأطراف تحن لآن الركوع
دوى نداء الإيمان بين حنايـآيـآ مجلجلا
فاهتزت أوصالي .. و ودق العين ينسكب منعشآ كل ذرات جسدي..
ليهبني أنفاس الحياة 
و أخذت أهذي وسط لجة المشاعر
و كل أركاني
تنتفض..

لبيك اللهم لبيك .. لبيك لا شريك لك لبيك

الاثنين، 23 أبريل 2012

و أن إلى ربك المنتهى




كانا يتمشيان على النيل والشمس تغيب في الأفق والنسيم يداعب الشجر قال وهو يمسك بيدها في حب

- أتعرفين ماذا تحت قدمك الآن؟

- ماذا تعني ؟

- أتعرفين على أي شيء تقفين إن تحت قدمك الصغيرة هذه أربع مدن وثمانية عصور وثمان حضارات وسبعة آلاف عام من التاريخ هل تصدقين أن تحت قدمك عصرا رومانيا وعصرا فاطميا وعصرا مملوكيا وعصرا تركيا وعصرا قبطيا وعصرا اسلاميا وعصرا فرعونيا وعصرا حجريا أكاد أرى المواكب تخرج في أبهتها ودورعها... وأكاد أسمع صهيل الخيل وجلجلة السلاح... وأكاد أرى الدم يسيل... والناس تختصم وتتصارع وتتحارب وتتزوج وتتاجر وتهاجر.. وأكاد أرى الدموع تلمع على خدود ما تلبث أن تغدو ترابا.. وأكاد أرى نظرات الغرور ما تلبث أن تأكلها الديدان... والمنتصر يرقد الى جوار المهزوم والقاتل يتمدد إلى جوار قتيله... والهاجر الغادر ما يلبث أن يسحب عليه الزمن ستار الهجر فيغدو مهجورا هو الآخر لا حس ولا أثر و لا خبر أين ذهب .... أين الجنون ؟؟؟ أين رقد اليأس ... أين نامت الفتن.. ماذا بقى من هذه النيران المشتعلة في الصدور؟؟؟

قالت الفتاة وهي ساهمة تنظر إلى التراب تحت قدميها

- ترى هل يبقى شيء من حبنا أم أننا ماضون نحن أيضا إلى لاشيء ؟!!

قال وهو يضحك:

- في عصر السرعة الذي نعيشه يكاد يكون الحب فستانا تتعلق به الفتاة لمدى لبسة واحدة ... ثم بعد ذلك تتغير الموضة

- هل هذا رأيك ؟

- هذا حال أكثر الناس

- وهل نحن من أكثر الناس ؟

- كل الذين تحت قدمك... قد أقسموا وهم يبكون أن ما بينهما كان شيئا خاصا نادرا ليس له مثيل...

ألم يصدق بعضهم ؟

- نعم ... أقل القليل ... الذين استودعوا عند الله شيئا فالله وحده هو الذي يحفظ الودائع

وأردف وهو ينظر الى السماء الممدودة:

- الذين أحبوا بعضهم فيه ونظروا إلى بعضهم في مرآته ... الذين أفرشوه أسرارهم وأسلموه إختيارهم فأصبح مرادهم مراده.. هؤلاء أهله.. الذين هم إليه... وليسوا للتراب...

قالت وهي مازالت على شرودها تنظر في داخل عينيه :

- وأين نحن من هؤلاء ؟؟

قال وهو لايزال ينظر الى السماء الممدودة

- الكل يدعي أنه من هؤلاء ولكن الزمن وحده هو الذي يكشف صدق الدعوى.. ولهذا خلق الله الدنيا ليتميز أهل الدعاوى من أهل الحقائق

- ألا ترى نفسك مخلصا ؟

- لست من الغرور بحيث أسبق الزمن إلى الحكم... فما أكثر ما يخدع الإنسان في نفسه... وما أكثر ما يستدرج إلى ثقة في النفس مبالغ فيها... ثم يأتي الزمن فيكذبه على لسانه...

وشرد قليلا ثم أردف:

- الإخلاص هو أخفى الخفايا... وهو سر لايكاد يطلع عليه إلا الله... ونحن نأتي إلى الدنيا أو نأتي بدونه ولا يعلم سرنا إلا خالقنا...

قالت ويدها ترتجف في يده :

- إني خائفه !

قال وهو يمشي الهوينا:

- أنا أعيش في هذا الخوف... إنه الخوف الجميل... الخوف من أن يظهر المكتوم... فإذا به على غير ما نرضى وعلى غير ما نحب وهو خوف يدفع كلا منا إلى إحسان العمل ... وهو خوف لا يوجد إلا عند الأتقياء ... لأنه خوف يحمي أصحابه من الغرور ... ألم يقل أبو بكر... مازلت أبيت على الخوف وأصحو على الخوف حتى لو رأيت إحدى قدمى تدخل الجنة فإنى أظل خائفا حتى أرى الثانية تدخل ...؟!! فلا يأمن مكر الله إلا القوم الضالون...

- ولماذا يمكر بنا الله ؟

- مكر الله ليس كمكرنا ... فنحن نمكر لنخفي الحقيقة أما الله فيمكر ليظهرها وهو يمكر بالمدعي حتى يظهره على حقيقة نفسه فهو خير الماكرين

- ألا توجد راحة ؟

- ليس دون المنتهى راحة

- ومتى نبلغ المنتهى ؟

عنده ... أليس هو القائل؟

(وأن إلى ربك المنتهى)

د مصطفى محمود

الجمعة، 20 أبريل 2012

الأحنف ابن قيس



وقعتْ قتنةٌ بين قبيلتينِ في الكوفةِ في المسجدِ الجامعِ ، فسلُّوا سيوفهم ، وامتشقوا رماحهم ، وهاجتْ الدائرةُ ، وكادتِ الجماجمُ تفارقُ الأجسادَ ، وانسلَّ أحدُ الناسِ من المسجدِ ليبحث عن المُصْلحِ الكبيرِ والرجلِ الحليمِ ، الأحنفِ بنِ قيسٍ ، فوجدهُ في بيتِه يِحلبُ غنمه ، عليه كساءٌ لا يساوي عشرة دراهم ، نحيلُ الجسمِ ، نحيفُ البنيةِ ، أحنفُ الرجلين ، فأخبروه الخبرَ فما اهتزتْ في جسمِهِ شعرةٌ ولا اضطرب ؛ لأنه قدِ اعتاد الكوارث ، وعاش الحوادث ، وقال لهم : خيراً إنْ شاء اللهُ ، ثم قُدِّم له إفطارُه وكأنْ لم يحدثْ شيءٌ ، فإذا إفطارهٌ كِسْرةٌ من الخبزِ اليابسِ ، وزيتٌ وملحٌ ، وكأسٌ من الماءِ ، فسمَّى وأكل ، ثمَّ حمدَ اللهَ ، وقال : بُرٌّ منْ بُرِّ العراق ، وزيتٌ من الشامِ ، مع ماءِ دجلة ، وملح مرو ، إنها لنعمٌ جليلةٌ . ثم لبس ثوبَهَ ، وأخذ عصاهُ ، ثم دلف على الجموعِ ، فلمّا رآه الناسُ اشرأبَّتْ إليه أعناقُهم ، وطفحتْ غليه عيونُهم ، وأنصتوا لما يقولُ ، فارتحل كلمة صُلْحٍ ، ثمَّ طلب من الناسِ التفرُّق ، فذهب كلُّ واحداً منهمْ لا يلوي على شيءٍ ، وهدأت الثائرةُ ، وماتتِ الفتنةُ .